كتب عامر يوسف
تطايرت جثث الشهداء في غزة كالعصافير الجريحة، تصعد نحو السماء في مشهد يعكس حجم المعاناة والمأساة التي يعيشها أبناء هذه الأرض الصامدة، في لحظات القصف العنيف حيث تتناثر الأشلاء وتضيع الأحلام بين الركام يظل السؤال الأكبر: هل لا يزال هناك مكان على الأرض يحتمل هذه المعاناة؟
غزة، تلك البقعة الصغيرة على الخريطة تحولت إلى ساحة من الدمار، المباني أصبحت أطلالاً، والأنقاض تحتفظ بين طياتها قصصاً لأرواح كانت تحمل الأمل لكنها اليوم سقطت ضحية للصواريخ والقذائف. مشهد جثث الشهداء التي تطايرت إلى السماء يختصر وحشية ما يحدث هناك، صرخات الأطفال التي لا تكاد تُسمع تضيع في شوارع مدمرة لا يوجد فيها ما يواسيهم أو يخفف عنهم.
لكن أكثر ما يوجع في هذه اللحظات هو الصمت الذي يخيّم على العالم العربي والعالمي والذي بات شريكًا في هذه الجريمة. كلمات الإدانة التي تتردد في البيانات لا تساوي شيئاً أمام الدماء التي تُسفك يومياً وأمام الحزن الذي يقتل كل شيء حي في غزة. صمت الأنظمة العربية بات مريباً، فقد كانت هذه الأنظمة في السابق تتوحد لمجابهة أي تهديد خارجي لكن اليوم في وجه هذا القصف الوحشي يبدو أن الشعوب وحدها من يُسمع صوتها بينما الحكومات تكتفي بالمتابعة من بعيد.
المدنيون، وفي مقدمتهم الأطفال والنساء هم من يدفعون ثمن هذا الصراع. جثثهم تتطاير في السماء، لا لأجل حرب أو صراع على الأرض، بل لأنهم اختاروا أن يعيشوا في أرض لا تعرف إلا القتال والدمار. غزة اليوم ليست فقط رمزاً للمقاومة بل هي أيضاً رمز للخذلان العربي والدولي.
ومع كل القصف الذي يهدم المنازل وكل الدماء التي تُراق، يبقى السؤال الأهم: هل ننتظر أن تظل غزة تحت القصف حتى تتوقف عن التنفس؟ أم أن هناك من يتحرك ليضع حداً لهذا النزيف المستمر؟
صمت الأرض قد يكون مؤقتاً لكن السماء كما يُقال لا تبقى صامتة إلى الأبد. جثث الشهداء التي ارتفعت نحو السماء هي رسالة للعالم: أن الضمير لا يمكن أن يبقى غائباً إلى الأبد، ربما لا يستطيع العالم العربي أن يفعل الكثير لكن العالم كله يرى ويدرك أن غزة لا يمكن أن تُترك وحدها فالشعب الفلسطيني يستحق الحياة، والكرامة، والحرية.