أميركا تشبه إلى حد كبير الكيان الصهيوني المصطنع، تحاول أن تفرض علينا جميعاً مخططاتها ومشاريعها الاستعمارية، ليس فقط باسمها، بل أيضاً باسم المشاريع والمخططات الصهيونية.
مع استمرار الرفض الأردني والمصري لاقتراح الرئيس ترامب ترحيل فلسطينيي غزة وإسكانهم في الأردن ومصر، اللذين وقّعا على اتفاقيات الاستسلام مع الكيان الصهيوني في كامب ديفيد (1978) ووادي عربة (1994)، يتوقع كثيرون لهذا الاقتراح أن يكتسب طابعاً جدياً وعملياً بعد زيارة نتنياهو لواشنطن الأسبوع المقبل، ثم زيارة ترامب المرتقبة للرياض بعد اتفاقه مع ولي العهد محمد بن سلمان على حجم الاستثمارات السعودية في أميركا، وتمنى لها ترامب أن تصل إلى تريليون دولار.
وتتحدث المعلومات عن خطة جديدة للرئيس ترامب، الذي قيل إنه سيشن حملة مسعورة ضد كل من سيتهمهم بمعادة السامية وسيهددهم بالطرد من أميركا ، وبغياب الموقف العربي الموحد وتواطؤ السلطة الفلسطينية وبعض أنظمة الخليج مع الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، يبدو واضحاً أن ترامب والذين معه من القوى الإمبريالية والاستعمارية المطعمة صهيونياً لا ولن يتراجعوا عن مخططات التهجير، وخصوصاً أنهم يعتقدون أنهم الأكثر قوة بعد الحرب في غزة، والعدوان على لبنان، وإسقاط نظام الأسد في دمشق ، ولم يجرؤ أحد على تذكير ترامب ومن معه بأن الفلسطينيين هم سكان غزة الحقيقيون منذ آلاف السنين، وخلافاً لمن يدافع عنهم ترامب وأمثالهم من عقول الغطرسة الهمجية التي عودنا عليها أجدادهم منذ تأسيس ما يسمى الولايات المتحدة الأميركية عام 1776، بل قبل ذلك منذ اكتشاف القارة الأميركية عام 1492، وهو ماصادف سقوط دولة الأندلس التي حكمت إسبانيا مدة 771 عاماً، وهو ما قد يجهله ترامب.
فترامب، الذي يتوعد الدانمرك ويهدد باحتلال جزيرة غرينلاند، ينسى أن أجداده سبق لهم أن احتلوا بشكل أو بآخر مناطق أخرى من العالم القديم، وليس الحديث الذي شهد إلقاء القنابل النووية على شعب اليابان، ثم احتلال فيتنام وعدد من دول أميركا اللاتينية، وأخيراً العراق وأفغانستان ، وقبل الحديث عن مخططات ترامب لترحيل شعب غزة إلى الأردن ومصر، وأهمية ذلك بالنسبة إلى المشروع الصهيوني، استراتيجياً وعقائدياً، أي دينياً، بالنسبة إلى اليهود، علينا أن نذًكر الرئيس ترامب بماضي أجداده، الذين استولوا، بشكل أو بآخر، على أراضي الآخرين، وهي حال من يدافع عنهم من يهود العالم والكيان الصهيوني.
حاول الأميركيون غزو كندا للمرة الأولى عام 1812، وأشتروا عام 1867 آلاسكا (1.7 مليون كم مربع ) من روسيا بمبلغ 7.2 ملايين دولار، وأولوا اهتمامهم بغرينلاند في العام نفسه، ثم عادوا واقترحوا على الحكومة الدانمركية عام 1946 شراء الجزيرة (مليوني كم مربع) بمئة مليون دولار ، وسبق لأميركا أن اشترت ما مساحته 40% من مساحة أميركا الحالية من الدول الاستعمارية آنذاك، ومن هذه الأراضي جزر العذراء (فيرجين) في بحر الكاريبي من الدانمرك، كما اشترت عام 1803 أراضي ولاية لويزيانا الحالية من فرنسا بقيمة 15 مليون دولار بعد أن استغلت الظروف المالية الصعبة لنابليون بونابرت.