أثارت زيارة وفد عراقي رفيع المستوى انقسام شعبي واعلامي وسياسي كبير حول دوافع إرسال الحكومة وفدها للقاء زعيم تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابية، مما أدى إلى بروز فريقين الاول رافض لفكرة الزيارة والتواصل مع سوريا في ظل سيطرة التنظيمات الإرهابية على مقاليد الحكم، والثاني من سلم بقبول الزيارة مع أفراطه بالتبرير تلك الزيارة التي لم يعلن عن نتائجها بشكلاٍ صريح ورسمي .
ومع أن السياسة ليس في ادبيتها محظور، الاّ أن الواقع يجعل قلوبنا مليئة بالحسرة على دماء شيعة العراق والمنطقة الذين اجرمت بهم آلة القتل الوهابي بزعامة ساعد الزرقاوي الايمن وخليفة البغدادي الإرهابي ابو (محمد الجولاني)!
ولو سلمنا جدلاً أن العراق “محرج”،وإن الضرورة اقتضت فتح قنوات اتصال مع سوريا ما بعد الأسد علينا أن نجد من يجيب على التساؤلات التالية؛
اولا: ما حكم تأثير “حكم وهابي” مؤقت على مستقبل بلد ذو مجتمع مدني علماني وكم من الوقت سيبقى هذا التأثير ليسارع العراق إلى لقاء رأس الافعى فيه ؟
ثانيا: لماذا لم نستفد من تجربة الدول العربية والإسلامية السنية في العراق بعد سقوط نظام “البعث السني” خصوصا فيما يتعلق بما كانت تسميه تلك الأنظمة “رعاية مصالح المكونات” التي تشكل لها عمق طائفي او قومي،وبالتالي فإن من حق العراق مراعاة مصالح الشيعة والعلويين في سوريا بالطرق التي تضمن له سلامة وجودهم؟
ثالثا: لماذا اقتصر لقاء الوفد على الإرهابي (ابو محمد الجولاني) فيما لم يلتقي الوفد زعامات شيعية وعلوية ومسيحية تؤمن أن المنقذ لهم هو العراق بقواه التي حاربت إرهاب الجولاني لأكثر من عقدين من الزمن؟
رابعا: اذا كان العراق تحت الضغط الأمريكي الغربي الخليجي لماذا لم يرفع العراق ورقة المكون المسيحي والأقليات للأحتجاج او على الاقل احراج الغرب باعتبارها راعية لهم كون النظام الجديد في سوريا يكفر الأقليات بل قتلهم وهجرهم وباع نساءهم في سوق النخاسة في وقتٍ قريب؟
خامسا: لنسلم أن الجولاني أمر واقع هل فرض العراق نسخ تجربته الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وهل طلب ضمانات دولية تحول دون قبول ترشيح شخصيات متهمة بالإرهاب؟
كل هذه الأسئلة واكثر بحاجة ألى إجابة مستفيضة تجعل العراق موطأ قدم في الوضع السوري الذي لن يكون هادئً ومستقرًا في المستقبل.