حياة إسلامية أم قيم إسلامية؟

شارك القصة

الخط

📝 محمد خالد العقيلي

إننا نعيش في عصر ندرك جميعاً فيه عمق الانحدار الأخلاقي، الروحي، والمادي أيضا الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية عامة ويبدو أن العلاج الذي يدعون له الجميع هو أن يكون لدينا أفكار إسلامية.

هذا النمط من التفكير أننا يجب أن يكون لدينا أفكار إسلامية حتى لو عشنا في عالم غير إسلامي جعلنا نرى خبرا مثل أول محجبة تظهر في المجلة الخلاعية.

هذا السعي الحثيث عند المسلمين قبل أن يكون عند أعدائهم لجعل الإسلام مجموعة أفكار تربطها رابطة تاريخية معلقة في الفضاء الحر بلا جذور هو بالضبط الذي يجعل الإسلام يبدو في تراجع مستمر مع ما كتبه المفكرون من المسلمين من ترسانة رد شبهات وأدلة على صحة الدين والأفكار الإسلامية.

الازمة فعلياً انه لا احد يعيش نمط حياة إسلامي، معظم الناس لديها أسلوب حياة ولديها مبادئ فكرية وهناك حالة من الخداع النفسي تتيح للشخص ان لا يفكر جيداً في مدى تلائم مبادئه الفكرية مع نمطه الحياتي.

يمكننا أن نقول إنها آلية تأقلم اخترعها العقل البشري حتى لا يدخل معظم الناس في دوامة اكتئاب خصوصاً في العصر الحالي الذي يصعب فيه العيش بمبادئ فكرية مختلفة عن مبادئ الليبرالية العلمانية.

لا أحد يعلم أي حفر انتحارية أو منعطفات عنيفة قد تحدث عندما يتوقف عامة الناس للإدراك هذا الأمر.

وبينما تجد أن الأفكار والقيم الإسلامية لها الكثير من المروجين سوف تجد الأقل من ذلك من يروجون لنمط حياة إسلامي.

مع أن هناك الكثير من الرافضين للأفكار الغربية إلا أن هناك القليل جداً من الرافضين لنمط الحياة الغربي.

الجميع يريد أن يعيش معيشة عائلة مصغرة حيث الأب لديه سيارة ويذهب إلى عمله والأم لديها عمل وتعود إلى عملها وأن وجدا أطفال ترعاهم مربية تأخذ راتبها الجيد.

قد تجد من يصور لك هذه الحياة ثم يعود الأب والأم إلى البيت فيصلون جميعاً صلاة جماعة وقد يداعب مشاعرك هكذا مشهد أو مشهد لامرأة تمارس رياضة تسلق الجبال ثم تصلي صلاة المغرب عندما تصل إلى القمة.
الكثير من المجتمعات المسلمة قد قبلت بهذه التوليفة نمط حياة غربي وأفكار إسلامية.

قبل أيام كان هناك مقالات مطولة على المواقع التابعة للدولة الإيرانية بعنوان حقائق عن المرأة الإيرانية.

المقال يحاول إثباتا أن الصورة الكاذبة التي رسمها الإعلام الغربي عن المرأة الإيرانية بصفتها مضطهدة غير واقعية لأن النساء هن رقم واحد في التعليم والطب والهندسة… إلخ
بالطبع من دخل في المجتمع الإيراني يعرف هذه الحقيقة ويعرف أن المرأة الإيرانية تعيش نمط حياة غربي بالكامل يميزه فقط قطعة قماش تكاد تسقط كل دقيقة.

لم يخطر في عقل كتّاب المقالات أن هذا هو مفتاح المشكلة، عش حياة غربية وسوف تأتيك مشاكل غربية وسوف تداعب خلاياك العصبية أفكارا ومبادئ غربية عاجلاً أم آجِلاً.

في الوقت الذي يعاني فيه النظام الإسلامي في إيران من أزمة سكانية تتمثل في قلة أعداد المواليد لم يخطر في عقل المسؤولين أن الأرقام التي يتفاخرون بها هي سبب الأزمة السكانية حيث تشير الدراسات الإحصائية أنه كلما قضت المرأة سنة في التعليم كلما انخفضت معدلات الإنجاب عندها حتى تقارب الصفر عندما تقضي 15 فما فوق [أي إلى الإعدادية]

مشكلة كهذه لا يمكن التفكير فيها على أنها مشكلة أفكار، هي مشكلة نمط حياة يمكن للمرأة أن تدرس وهي محجبة بالكامل وسوف يحصل نفس الأثر.

حتى عندما نأتي الى مشاكل الرجال نجد انها لا تتعلق بالأفكار بل بنمط العيش، من الضعف البدني الى انخفاض التحفيز والعجز التام امام المشاكل بل إن مشاهدة رجل بعمر 20 لا يجيد الكلام كبالغ اصبح مشهدا عاديا فهو ضعيف نفسي الا الى درجة انه يتوتر عند الحديث مع غريب.
هل هذا الأمر راجع إلى الأفكار أم راجع إلى أن الرجل أصبح يعيش مرحلة الطفولة إلى عمر 28 بعد إنهاء الجامعة؟

*هامش*

المجتمع الذي كان في ايران قبل الثورة والذي انتج الثورة وانتج الدفاع الجهادي ضد البعث كانت النساء فيه امهات والرجال كسبة.

والمجتمع الذي أصبح يركل العمامة في الشارع في الجمهورية الإسلامية كان الرجال فيه موظفين والنساء موظفات.